الاثنين، 24 فبراير 2014

فى مثل هذا اليوم ولد الشاعر حافظ إبراهيم ابن اسيوط .. " يا مُنصِفَ الموتى من الأحياءِ "


http://www.albawabhnews.com/upload/photo/news/41/5/600x337o/714.jpg?q=1
يواكب اليوم الاثنين، ذكرى ميلاد شاعر مصر الجميل، شاعر الرصانة والجزل، شاعر المناسبات، الشاعر الذي لم يجعل مناسبة واحدة تفلت من وحي إلهامه الشعري، وكأنه كان يستحضر وحي الأشعار في كل مناسبة يأمره فيؤتمر، فينشد حافظ شعراً من أجمل الأشعار، يخلب به عقول سامعيه، إنه شاعر الشعب وشاعر النيل ذائع الصيت "محمد حافظ إبراهيم".
ولد حافظ إبراهيم في محافظة أسيوط في 24 فبراير 1872، وعاصر أمير الشعراء أحمد شوقي وكان له صديقا وفيّاً طوال العمر، حتى إن شوقي له الفضل في إعطائه لقب البكوية، وقال فيه عند مماته مرثيته التي بدأها بـ "قد كنت أوثر أن تقول رثائي.. يا منصف الموتى من الأحياء".
* الولادة فوق ظهر سفينة
ولد حافظ إبراهيم على متن سفينة كانت راسية على نهر النيل أمام ديروط، وهي قرية بمحافظة أسيوط، من أب مصري وأم تركية، وتوفي والداه وهو صغير، وأتت به أمه - قبل وفاتها - إلى القاهرة، حيث نشأ بها يتيما تحت كفالة خاله الذي كان ضيق الرزق، حيث كان يعمل مهندسا في مصلحة التنظيم، ثم انتقل خاله إلى مدينة طنطا وهناك أخذ حافظ يدرس في كتّاب، فأحس حافظ إبراهيم بضيق خاله به وهو ما أثّر في نفسه، فرحل عنه وترك له رسالة كتب فيها، ثقلت عليك مؤونتي. 

* حافظ إبراهيم إحدى عجائب زمانه
كان حافظ إبراهيم إحدى عجائب زمانه، ليس فقط في جزالة شعره، بل في قوة ذاكرته التي قاومت السنين ولم يصبها الوهن والضعف على مر 60 سنة هي عمر حافظ إبراهيم، فإنها ولا عجب اتسعت لآلاف الآلاف من القصائد العربية القديمة والحديثة ومئات المطالعات والكتب، وكان باستطاعته – بشهادة أصدقائه – أن يقرأ كتاباً أو ديوان كاملا من الشعر في عدّة دقائق - وبقراءة سريعة - ثم بعد ذلك يتمثل ببعض فقرات هذا الكتاب أو أبيات ذاك الديوان، وروى عنه بعض أصدقائه أنه كان يسمع قارئ القرآن في بيت خاله، يقرأ سورة الكهف أو مريم أو طه، فيحفظ ما يقوله ويؤدّيه كما سمعه بالرواية التي سمع القارئ يقرأ بها.

* حافظ ابراهيم.. شاعر الحدث


يعتبر شعره سجلاًّ للأحداث، إنما يسجّلها بدماء قلبه وأجزاء روحه، ويصوغ منها أدبا قيّماً يحثّ النفوس ويدفعها إلى النهضة، سواء ضحك في شعره أم بكى، وأمِل أم يئس، فقد كان يتربص كل حادث مهم يعرض فيخلق منه موضوعاً لشعره ويملؤه بما يجيش في صدره.

* أيام حافظ الأخيرة
مع تلك الهبّة الرائعة، فإن "حافظ" أصابه - في فترة امتدت من 1911 إلى 1932 – داء اللا مبالاة والكسل وعدم العناية بتنمية مخزونه الفكري، وبالرغم من إنه كان رئيساً للقسم الأدبي بدار الكتب، إلا أنه لم يقرأ في هذه الفترة كتاباً واحداً من آلاف الكتب التي تزخر بها دار المعارف، الذي كان الوصول إليها يسيراً بالنسبة لـ "حافظ"، وتقول بعض الآراء إن هذه الكتب المترامية الأطراف ألقت في نفس حافظ الملل، ومنهم من قال إن نظر حافظ بدأ في الذبول خلال فترة رئاسته لدار الكتب، وخاف من المصير الذي لحق بالشاعر محمود سامي البارودي في أواخر أيامه، وكان حافظ إبراهيم رجلاً مرحاً و"ابن نكتة" وسريع البديهة، يملأ المجلس ببشاشته وفكاهاته الطريفة التي لا تخطئ مرماها.

* غرابة حافظ إبراهيم
وأيضاً تُروى عن حافظ إبراهيم مواقف غريبة، مثل تبذيره الشديد في المال، فكما قال العقاد: "مرتب سنة في يد حافظ إبراهيم يساوي مرتب شهر"، وما يروى عن غرائب تبذيره أنه استأجر قطاراً كاملاً ليوصله بمفرده إلى حلوان حيث يسكن، وذلك بعد مواعيد العمل الرسمية.

* حافظ أحسن خلق الله إنشادا للشعر
مثلما يختلف الشعراء في طريقة توصيل الفكرة أو الموضوع إلى المستمعين أو القراء، كان لـ "حافظ إبراهيم" طريقته الخاصة، فهو لم يكن يتمتع بقدر كبير من الخيال، ولكنه استعاض عن ذلك بجزالة الجمل وتراكيب الكلمات وحسن الصياغة، بالإضافة إلى أن الجميع اتفقوا على أنه كان أحسن خلق الله إنشاداً للشعر، ومن أروع المناسبات التي أنشد حافظ بك فيها شعره بكفاءة، هي حفل تكريم أحمد شوقي ومبايعته أميراً للشعر في دار الأوبرا الخديوية، وأيضاً القصيدة التي أنشدها ونظمها في الذكرى السنوية لرحيل مصطفى كامل، والتي خلبت الألباب، وساعدها على ذلك الأداء المسرحي الذي قام به حافظ للتأثير في بعض الأبيات، وممّا يبرهن على هذا، ذلك المقال الذي نشرته إحدى الجرائد، والذي تناول بكامله فن إنشاد الشعر عند حافظ إبراهيم.
ومن الجدير بالذكر أن أحمد شوقي لم يُلقِ في حياته قصيدة على ملأ من الناس، حيث كان الموقف يرهبه فيتلعثم عند الإلقاء، وقد تميّز - في الوقت ذاته - بجمال شعره وروعته.

* خليل مطران وحافظ إبراهيم
خليل مطران: "حافظ إبراهيم أشبه بالوعاء، يتلقى الوحي من شعور الأمة وأحاسيسها ومؤثراتها في نفسه، فيمتزج ذلك كله بشعوره وإحساسه، فيأتي منه القول المؤثر المتدفق بالشعور الذي يحس كل مواطن أنه صدى لما في نفسه"، ويقول عنه أيضاً: "حافظ المحفوظ من أفصح أساليب العرب ينسج على منوالها ويتذوق نفائس مفرداتها وإعلاق حلالها"، وأيضاً: "يقع إليه ديوان فيتصفّحه كله وحينما يظفر بجيّده يستظهر، وكانت محفوظاته تُعدّ بالألوف، وكانت لا تزال ماثلة في ذهنه على كبر السن وطول العهد، بحيث لا يمتري إنسان في أن هذا الرجل كان من أعاجيب الزمان".

* العقاد وحافظ إبراهيم
عباس محمود العقاد يقول في حافظ: "مفطوراً بطبعه على إيثار الجزالة والإعجاب بالصياغة والفحولة في العبارة"، ويذكره الشاعر العراقي "فالح الحجية" - في كتابه الموجز في الشعر العربي، الجزء الثالث - فيقول: "يتميز شعر حافظ إبراهيم بالروح الوطنية الوثّابة نحو التحرّر ومقارعة الاستعمار، وهو سهل المعاني واضح العبارة قوي الأسلوب متين البناء، أجاد في كل الأغراض الشعرية المعروفة".

* حافظ وشوقي
كان أحمد شوقي يعتز بصداقة حافظ إبراهيم، ويفضله على باقي أصدقائه، وكان حافظ إبراهيم يرافقه في عديد من رحلاته، وكانت لـ "شوقي" أيادٍ بيضاء على حافظ، فساهم في منحه لقب البكوية، وحاول أن يوظفه في جريدة الأهرام ولكن فشلت هذه المحاولة لميول صاحب الأهرام - وكان حينذاك من لبنان - نحو الإنجليز وخشيته من المبعوث البريطاني اللورد كرومر.

* وفاته
توفي حافظ إبراهيم سنة 1932، في الساعة الخامسة من صباح يوم الخميس، وكان قد استدعى اثنين من أصحابه لتناول العشاء، ولم يشاركهما الطعام لمرض أحس به، وبعد مغادرتهما شعر بوطأة المرض فنادى غلامه الذي أسرع لاستدعاء الطبيب، وعندما عاد كان "حافظ" في النزع الأخير، وقد توفّي "حافظ" ودُفِن في مقابر السيدة نفيسة، وعندما توفي حافظ كان أحمد شوقي يصطاف في الإسكندرية، وبعدما أبلغه سكرتيره بنبأ وفاة حافظ إبراهيم بعد ثلاثة أيام - لرغبة سكرتيره في إبعاد الأخبار السيئة عنه، ولعلمه بمدى قرب مكانة حافظ منه - شرد شوقي للحظات، ثم رفع رأسه وقال أول بيت من مرثيته لحافظ: "قد كنت أوثر أن تقول رثائي.. يا منصف الموتى من الأحياء".


ايهاب طاهر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

البقاء لله .. وفاة مواطن واصابة عمه بطلقات نارية من ضابط بقرية الزاوية باسيوط وغضب الأهالى من ظلم الداخلية فى اسيوط

المواطن حسن مش إرهابى لكنه إنسان  كل جريمته انه مواطن غلبان خاف من حضرته فجرى راح ضربه بالنار ----------------------------------...