الثلاثاء، 15 سبتمبر 2015

أسيوط: تعويضات غائبة.. وشكاوى مستمرة


http://media.almasryalyoum.com/News/Large/2015/09/14/366945_0.jpeg
أمام منزلها المكون من طابقين، والذى مازالت جدرانه تحمل آثار سيول العام الماضى، جلست سعدية فاروق بجوار أطفالها الأربعة مع والدتها العجوز. تقول «أنا كنت بجوز بنتى، والسيل لما جيه خد كل الجهاز المنزلى، واضطرينا نتداين عشان نعرف نجوز البنت»، تقول سعدية، وهى تقوم بالعد على أصابعها التي فقدت نعومتها بسبب العمل في الزراعة مع زوجها لتشير لحجم التلفيات المنزلية الناتجة عن السيل، والتى شملت مراتب النوم، وأدوات الطعام، والثلاجة والتلفاز، وصناديق حفظ الملابس، والذهب. «الذهب بتاعى كله راح مع السيل» تقول سعدية بحزن شديد وهى تنظر إلى يديها، وتتوقف لتشير إلى المنزل: «محدش ادانى أي تعويض عن السيل، والناس الغنية بس اللى ليها ظهر هيا اللى خدت تعويض.

وسط ما تبقى من مزرعته بقرية العتمانية، مركز البدارى، إحدى القرى التي تقع بمحاذاة مجرى السيل، والتى تضررت سابقا في سيول عام 1994التى توفى بها 52 شخصا في 15 عزبة، تتبع 3 قرى، كما أصيبت نفس القرى بسيول 1998أيضا، وقامت «المصرى اليوم» بإجراء جولات ميدانية بها- وقف فايز محمد، زوج سعدية، يتذكر ما وقع في شهر مارس من العام الماضى، ويعيد التفكير في ذلك اليوم الذي يقول إنه يراوده كلما اقتربت ذكراه. «السيل ضيع الزرع كله، وكنا زارعين قمح وبرسيم، والمياه وصلت لمترين فوق الزرع»، يقول فايز بلكنة صعيدية تشابهت مع ملابسه التي يعلوها شال رمادى اللون يحتمى به من تقلبات الجو: «السيل بعد ما ضيع الزرع، دخل على المنزل وضيع البتوجاز، والثلاجة، والذهب، والملابس، ولم يترك شيئا، وخسرت ما لا يقل عن مائه ألف جنيه في يومين، ومخدتش أي تعويض نهائى، لا من الحكومة، ولا من المتطوعين، ومحدش سائل فينا من ساعتها، ونتوقع عودة كارثة السيول بعد أيام أو شهور».

ماهر راشد، أحد أهالى قرية العتمانية التابعة لمركز البدارى، بمحافظة أسيوط، قال

من أمام مسجد القرية الذي لم ينج هو الآخر من السيل الذي ترك بصماته عليه حتى الآن، رغم مطالبات «ماهر» المستمرة لوزارة الأوقاف بترميمه لكى لا يسقط يوما ما على المصلين، دون أي استجابة من الوزارة: «السيل لما نزل في مارس الماضى غمر معظم قرية العتمانية، والأراضى الزراعية المجاورة لها، ورغم ذلك لم يتم تعويض المواطنين سوى بـ 50 جنيها لكل قيراط، و1200 جنيه لكل فدان، والتعويضات حصل فيها ظلم من المحافظ بسبب عدم التوزيع العادل».

10 أيام هي المدة التي ظلت بها مياه السيل داخل منزل ماهر راشد، والمسجد الملاصق له، ومازالت آثارها واضحة على ارتفاع متر، أو متر ونصف، في بعض المناطق، بالإضافة للعديد من الشروخ الناتجة عن ضغط المياه، والتى تعلو جميع حوائط المنزل الذي يخشى أصحابه من تهدمه في أي وقت، مع استمرار غياب المسؤولين. الشاعر والكاتب ماهر مهران، أحد أهالى مركز البدارى، يرجع تاريخ مشاكل السيول بالمحافظة إلى إهمال المسؤولين في العقود الماضية. يقول وهو يشير إلى آثار سيول العام الماضى والتى تجاوزت شرفة الدور الأول بمنزله: «كعادتنا كل شتاء نتوقع قدوم السيول، كما نفعل الآن، والمشكلة أنه مع كل كارثة سيول، يحدث سوء إدارة لتوزيع التعويضات، وهو ما أدى في النهاية إلى تقديم تعويضات لـ 88 أسرة فقط، في القرية التي يبلغ تعداد سكانها أكثر من 10 آلاف نسمة».

خلف مكتب يعلو سطحه العديد من الأوراق الخاصة بخطة محافظة أسيوط، ومركز البدارى لمواجهة خطر السيول بعد إعلان حالة الطوارئ بالمحافظة، يجلس سامح عبدالعليم، رئيس مركز ومدينة البدارى ليتابع خطة العمل بالمحافظة التي شهدت العام الماضى انهيار السد الرئيسى بها، والذى يقع بوادى «الشيح» بطول 650 متراً، بسبب ضغط المياه التي فاقت توقعات العاملين في السدود والمخرات بأسيوط، لتقوم المياه بغمر قرية العتمانية، والهمامية وعزبة سالم، والنواوره، وتتسبب في حدوث تلفيات في الأراضى الزراعية وصلت لـ 2000 فدان، وانهيار 11 منزلا، وحدوث تلفيات في 320 منزلا فقط، بحسب كلام رئيس مركز البدارى، الذي يتنافى مع تصريحات الأهالى التي جمعتها «المصرى اليوم» في جولاتها في قرى المحافظة التي شهدت سيول العام الماضى، والمهددة بها هذا العام.

«كنا نتوقع حدوث السيل بكمية 5 ملايين كيلومتر مكعب، ولكنها جاءت بكمية 14 مليون كيلومتر مكعب، مما أدى إلى كارثة قمنا بالسيطرة عليها بعد مرور يومين، وتم تعويض 10 آلاف مواطن، بمبالغ مالية تتراوح بين ألفى جنيه، إلى ثلاثة آلاف جنيه ونصف، وقمنا بترميم 280 منزلا، ليشمل إجمالا ما تم صرفه في التعويضات 20 مليون جنيه من صندوق الخدمة بالمحافظة»، يقول رئيس مجلس المدينة ويضيف بعد سؤاله عن احتياطات المحافظة لمخاطر السيول هذه السنة، قائلا: نسعى مستقبلا للعمل على استيعاب «المخرات» لـ 100 مليون متر مكعب من السيول، لعمل خزان أرضى لها، وتم تطهير الترع، وعمل مناورات وإصلاحات للمخرات».


محمد طارق
عمر عبد العزيز

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

البقاء لله .. وفاة مواطن واصابة عمه بطلقات نارية من ضابط بقرية الزاوية باسيوط وغضب الأهالى من ظلم الداخلية فى اسيوط

المواطن حسن مش إرهابى لكنه إنسان  كل جريمته انه مواطن غلبان خاف من حضرته فجرى راح ضربه بالنار ----------------------------------...