اتخذ أكثر من 200 ألف مواطن أسيوطي من العشوائية عنوانًا لمنازلهم، ليصبحو علة في جسد المدينة وشوكة في حلق المسئولين يولون وجوههم عنها رغم أنها تقع أمام أعينهم على بعد كيلومترات قليلة من مكاتبهم.
محافظة أسيوط تحتضن أربعة ملايين و338 ألف و111 نسمة حسب الإحصاءات الأخيرة لمركز التعبئة والإحصاء، تضم بين جوانبها أكثر من 50 منطقة عشوائية، ما بين المدن والمراكز بعد الانفجار السكني الذي أدى إلى نزوح الأهالي بعد أن عجزوا عن تدبير منازل داخل الكتل السكنية والتي وصلت أسعارها إلى أرقام خيالية، ولجأوا إلى أطراف المدن في وحدات وتجمعات بتكاليف زهيدة تفتقر إلى أبسط الخدمات والموارد ما جعلها منبتًا خبيثًا للبؤر الإجرامية لم تنتبه لها الدولة، وتمددت إلى أن أصبحت أوكارًا لتجمعات البلطجة ومصدرًا للأمراض والأوبئة.
تنقسم العشوائيات بمحافظة أسيوط ما بين شديدة الخطورة وغير الآمنة وبين عشوائيات التخطيط وغير المطابقة للمواصفات، ووفقًا للحصر الذي أجراه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار لمحافظة أسيوط، وطبقًا للبيان الصادر من مديرية الإسكان قبل عام من الآن بلغت نسبة الوحدات العشوائية غير الآمنة التي تقع ما بين الدرجة الثانية والثالثة أكثر من 7010 وحدات بينما أكد مسئولي الأحياء أن نسبة الوحدات ارتفعت إلى ما يقرب من 8250 وحدة غير آمنة أغلبها تقع تحت خطوط الضغط العالى في ثلاث مناطق رئيسية هي حي غرب أسيوط، والوليدية، والفواخير على مساحة تخطت 85 فدانًا.
حى غرب أسيوط
يقع حى غرب أسيوط بالقرب من ديوان عام المحافظة ورغم ذلك يعد مثالًا صارخًا للعشوائيات غير الآمنة التي هرب سكانها من خطر التشرد إلى أحضان خطر أكبر وهو الصعق بالكهرباء حيث يضم أكثر من 200 ألف نسمة يعيش معظمهم تحت خط الفقر، ويشتمل على أكثر من سبعة آلاف وحدة عشوائية غير آمنة لنحو 40 ألف مواطن من قاطني الحى "تحت السلك" حسب تصريحات المهندسة هويدا الشافعي رئيس الحي.
وقالت الشافعي إن الحي يكتظ بالواحدات العشوائية غير الأمنة نظرًا لوجودها أسفل خطوط الضغط العالي وكثرة المحولات والأبراج التي تمر أسلاكها فوق أسطح المنازل، وخاصة بمنطقتي البيسري والمصلى زرزارة، مما جعلها تمثل خطورة على صحة وحياة المواطنين والوحدات تتكون من غرف صغيرة متراصة بجانب بعضها ومحاطة بكميات كبيرة من البوص والجريد ما يجعلها عرضة للاحتراق، وأخرى معرضة للانهيار لعدم وجود شبكات صرف صحي، ومرور المياه الجوفية أسفلها.
الوليدية
تعد منطقة الوليدية إحدى المناطق التي تضم الوحدات العشوائية الخطيرة رغم أنها تقع بنطاق حي شرق أسيوط الذي يقع به ديوان عام المحافظة والمؤسسات والهيئات العامة والحكومية والنوادي الشهيرة والمباني الراقية ومجمع المحاكم والجامعة القديمة وجامعة الأزهر فرع أسيوط، إلا أن الحي يضم أكثر من 868 وحدة عشوائية وخاصة بعد شارع البحر.
يقول المهندس محمد حلمي رئيس حي شرق أسيوط إن نسبة العشوائية تخطت 50%، حيث إن شوارع المنطقة ضيقة للغاية ولا تتعدى مسافتها متر ونصف ما يجعل معدات الإنقاذ السريع والحماية المدنية والإطفاء لا تستطيع دخولها إذا وقع أي حادث، كما أن الأهالي فروا إليها وبنوا فيها منازل دون تخطيط أو مرافق، وهم متمسكون بها نظرًا لارتفاع أسعار متر الأرض خارج النطاق، حتى إن المتر بشارع جامعة الأزهر تخطى سعره 100 ألف جنيه، كما أنهم يرفضون استبدال وحدات أخرى بها لما تمثل لهم من كيان اجتماعي، وخاصة أن الدستور لا يكفل للحي التحكم في أراضي الملكية الخاصة.
الفواخير
لا تقل منطقة الفواخير خطورة عن مثيلتيها السابقتين من عشوائيات أسيوط وإنما ولأسباب خارجة عن إرادة سكانها جعلتها الأكثر خطورة من حيث تهدم المباني وانهيار قواعدها وضيق طرقاتها حيث تضم حسب الإحصاءات 660 وحدة على مساحة سبعة أفدنة من الأملاك الخاصة التي اتخذها الأهالي ملاذًا لهم من غلاء الأسعار.
يقول محمد حمد الله: «لا يوجد لدينا أي نوع من الرعاية الاجتماعية والمنازل منهارة والمياه غير صالحة ومعظم المنازل بدون دورات مياه، ونلجأ إلى الجراكن لإمداد المنازل بمياه المساجد، وما نحن فيه جعل المنطقة ملاذًا لكل من تسول له نفسه لارتكاب الجرائم والسرقة وإدمان المخدرات التي تباع في الطرقات مطالبًا النظر لهم بعين الرحمة وحل أزمة المنطقة بتوفير مساكن بديلة آدمية».
ومن جانبه قال المهندس عبد الحكيم عبد الله وكيل وزارة الإسكان إن المديرية استطاعت إزالة 52 وحدة عشوائية خطيرة بمنطقة المهاجرين بديروط لأنها كانت تقع على أملاك الدولة وتم تعويض سكانها، أما منطقة الفواخير فلم نستطيع تهجير أهلها لتمسكهم بالمنطقة وشوارعها تكاد تكون متلاصقة من ضيقها، ونقوم بالتعاون مع تطوير العشوائيات والتخطيط العمراني لإنشاء شبكة صرف صحي خاصة بها.
الهضبة الغربية
وأضاف عبدالله أن محافظة أسيوط يوجد بها مناطق أخرى للعشوائيات منها درنكة وتحت سفح الجبل في الغنايم، والشخوة ومنطقة قبلي البلد في أبوتيج والمنطقتين الشرقية والبحرية في مدينة صدفا، مؤكدًا أن تلك المناطق تحتاج إلى خطط جادة وعاجلة لتطويرها وتهذيبها لانتشال المواطنين القاطنين فيها من مستنقع الإهمال الذي يعيشون فيه منذ سنوات، ولكن نظرًا للظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد نعمل على الانتهاء من إنشاء مشروع الهصبة الغربية الذي قام المهندس ياسر الدسوقي محافظ أسيوط بوضع حجر أساسه بتكلفة تتجاوز 90 مليونًا كمشروع تنموي عملاق يساعد في إحداث تنمية بإنشاء 3 تجمعات عمرانية على جانبيه تبلغ مساحتها عشرة أضعاف مدينة أسيوط الحالية، مما يساهم في خفض أسعار العقارات والوحدات السكنية بالإضافة إلى المساهمة في دعم المناطق الصناعية وإيجاد مساحات أكبر للصناعات المتنوعة والحفاظ على الرقعة الزراعية والحد من العشوائيات.
إيمان عمار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق