حصلت «اليوم الجديد» على مستندات تكشف واقعة فساد كبيرة بتأخر تسليم وحدات المشتركين منذ نحو 10 سنوات، علاوة على عمليات سمسرة، وبيع وشراء، مشبوهة بين الجمعية وأحد رجال الأعمال، فى مبالغ بعشرات الملايين من الجنيهات.
بطل الفساد هنا هو «الجمعية التعاونية لإسكان العاملين بالتربية والتعليم» بأسيوط، التى أقامت مشروعا للإسكان منذ 2007، وذهب الراغبون والحالمون فى شقة لتسديد 50 ألف جنيه كمقدم حجز، فى مشروع «إسكان الزهور» بجوار كوبرى الواسطى، الذى يتضمن 6 أبراج سكنية تم شراء أرضها بعقود موثقة بالشهر العقارى.
وقال «على» وهو أحد المتقدمين للمشروع فى بدايته إنه لم يكن يعلم أن المدة المحددة لاستلام وحدته وهى سنة ونصف «مجرد وهم»، لأن السنوات مرت وهى ملتزمة بتسديد الأقساط، لكنه لم يستلم الوحدة إلى الآن، بينما تذهب أمواله التى يقتطعها من قوت يومه فى جيوب «مافيا أراضى وعقارات» يعرفون فى تلك المحافظة الصعيدية بـ«الحيتان».
واكتشف «على» الذى يعمل موظفا، عمليات تربح وفساد تجاوزت الـ200 مليون جنيه، موثقة بعقود بيع وشراء لأراضى «مشروع إسكان الزهور»، بعد استغلال مزايا الإسكان التعاونى والالتفاف على القانون، فقط من أجل التربح.
وبعد أن لعبت الشكوك فى صدر على، انقطع عن سداد دفعات الأقساط الخاصة بالوحدة، إلى حين تحديد مواعيد جدية للتسلم، فاصطدم بأحد بنود القانون التى تقضى بحذف العضو الذى ينقطع عن سداد أقساط الوحدة، حتى ولو بعد سنوات، واستبداله بغيره بنفس الأسعار، وهو ماحدث معه شخصيا إضافة إلى 89 آخرين من الحاجزين.
ويشرح أحد الحاجزين فى المشروع تفاصيل هذه اللعبة القانونية فيقول: «رئيس مجلس إدارة الجمعية يجيب ناس قرايبه أو مستثمرين عن طريق سماسرة الأرض، ويدخلهم أعضاء بدلا ممن تم حذفهم، ليسددوا رسميا وعلى الورق فقط سعر الوحدة كما أعلن عنها قبل سنوات، ويحصل على ضعف المبلغ من تحت الترابيزة، إذ يكون سعر الوحدة قد ارتفع فى ذلك التوقيت لأكثر من 3 أو 5 أضعاف سعر الجمعية، فيستفيد الحاجز الجديد بذلك السعر، ولا بأس أن يدفع ضعفه مجاملة لرئيس الجمعية، ويوفر ضعفا آخر، للاستثمار فى الوحدة بسعرها الحقيقى فى ما بعد».
وتكشف المستندات التى بين أيدينا أن سيناريو التربح من جراء مشروع إسكان الزهور التابع للجمعية التعاونية لإسكان العاملين بالتربية والتعليم بأسيوط، وصل لأكثر من 200 مليون جنيه. فمثلا إجمالى مسطح أرض المشروع 36 قيراطا و17 سهما تم شراؤها بمبلغ عشرة ملايين و382 ألفا و581 جنيها، والسعر الحقيقى للمسطح هو 2 مليون و168 ألفا و250 جنيها، طبقا لبعض العقود التى توضحها المستندات عن ذات المسطح لأرض المشروع، وهو العقد المشهر برقم 34 فى 9 يناير عام 2010 بأسيوط، والعقد المشهر برقم 637 فى 10 أبريل عام 2007 بأسيوط، وكذلك العقد المشهر برقم 1073 فى 14 يونيو عام 2007 بأسيوط.
كما تضمنت أرقام الفساد150 مليون جنيه فرق سعر 90 وحدة سكنية تم حجزها منذ 10 سنوات، واستُبعد حاجزوها واستُبدلوا بحاجزين جدد كسوق «سوداء» للوحدات السكنية التعاونية.
ويتهم الحاجزون المستبعدون من المشروع مسئولى الجمعية التعاونية لإسكان العاملين بالتربية والتعليم بأسيوط، بالتربح من فارق سعر أرض المشروع المزمع إقامة الوحدات السكنية عليها، بأن يتم شراء الأرض بمليون جنيه على سبيل المثال، وهو السعر الحقيقى للأرض، على خلاف ما يدون فى عقود الشراء الرسمية بعشرة ملايين جنيه، بحيث يكون الشراء للأراضى من شخص واحد يمت بصلة قرابة أو تربح لرئيس مجلس إدارة الجمعية، وهو ما توضحه مستندات العقود التى بين أيدينا، ليلتهم مسئولو الجمعية فارق السعر الحقيقى والمدون فى العقود، على حساب حاجزى وحدات المشروع الذين سيتحملون تلك المبالغ الوهمية.
وتكشف عقود الشهر العقارى أن شخصا واحدا يدعى الدكتور «ع. م»، هو بائع أراضى المشروع فى كل العقود، بعد شرائها بشهرين أو 3، ليبيعها للجمعية بسعر يصل لـ10 أضعاف ثمنها فى غضون شهرين فقط، وهو ما يخالف المنطق ويثير الشبهات، طبقا لدعوى قضائية مرفوعة ضد الجمعية واتهامات الحاجزين المستبعدين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق