أن يستولى أى شخص على أملاك الدولة فهذا اعتدنا عليه فى الآونة الأخيرة، ولكن أن يستولى أعضاء هيئة التدريس بجامعة أسيوط على 40 ألف متر تم تخصيصها للجامعة فهذا جديد وكارثى، لأنه فعل إجرامى صدر عن مسئولى التعليم فى إحدى أعرق جامعات الصعيد.
البداية عندما ضغط بعض الأساتذة على قيادات الجامعة فى فترة حكم الإخوان المسلمين، لتحويل أراضٍ يصل سعرها السوقى إلى 2 مليار و400 مليون جنيه تم تخصيصها من قبل الحكومة للمنفعة التعليمية إلى منفعة سكنية لهم ولأبنائهم، بالمنطقة التى يطلق عليها الصفوة، ما اضطر ورثة ملاك الأراضى المنزوعة ملكيتها منهم إلى رفع قضايا لاسترداد تلك الأرض، التى تم نزعها للمنفعة التعليمية.
واستندوا فى ذلك إلى مخالفة الجامعة لقرار تخصيصها، دون تحرك من قبل الجامعة لوقف قرارها المعيب، وتخصيص الأرض التى تصل مساحتها إلى 40 ألف متر خلف كلية التمريض والمدينة الجامعية للطالبات بالجهة الجنوبية لمستشفيات جامعة أسيوط، خاصة أن قرار التخصيص تضمن مشاريع تعليمية وبحثية ومستشفيات وبناء مدينة جامعية جديدة لمواجهة الكثافة الطلابية التى أصبح معها الحصول على سرير داخل مبانيها حلما بعيد المنال، وللحفاظ على شباب الجامعة المغترب بدلا من وقوعهم فريسة بين أيدى العناصر الإرهابية أو ملاك العقارات وأصحاب الوحدات السكنية المؤجرة.
الأزمة بدأت بانعقاد اجتماع موسع بنادى أعضاء هيئة التدريس آنذاك، برئاسة الدكتور أحمد الغريانى فى أوخر عام 2012، وطالب عدد من أعضاء هيئة التدريس بتخصيص «أرض سيد»، والتى تصل مساحتها إلى أكثر من 40 ألف متر لإنشاء مدينة سكنية لأعضاء هيئة التدريس، وبالفعل رضخت قيادات الجامعة لتلك المطالب فى اجتماع مجلس جامعة أسيوط المنعقد بجلسة 632 فى 26-5-2013، وناقش توصية مجلس نادى أعضاء هيئة التدريس لإنشاء 25 برجا سكنيا على أن يتم التقدم بحجز الوحدات بطلبات لنادى أعضاء هيئة التدريس بنظام حق الانتفاع لمدة 100 عام.
فيما أعلنت الجامعة على موقعها الرسمى فى 3-9-2013 عن الموعد النهائى لسداد مبلغ حجز الوحدات السكنية والتى قدرت بمبلغ 5 آلاف جنيه لجدية حجز الوحدات، يتم تحصيلها عن طريق مندوبين بنادى أعضاء هيئه التدريس، وتسلم الحاجزين إيصالات بذلك، واستبعد العاملون بالجامعة من مزايا حجز وحدة سكنية، حسب ما تناولوه بالاجتماع الأول بالنادى، حتى تم رفع مذكرة للمجلس الأعلى للجامعات.
وعلى آثار قرارها تقدمت الجامعه بطلب لرئاسة حى غرب اسيوط لاصدار ترخيص بإقامة 25 برجا سكنى لصالح مشروع اسكان اعضاء هيئة التدريس وتمكنت الجامعة من الحصول على بيان صلاحية موقع برقم 490 لسنة فى 12-2 - 2014 دون الانتظار لقرار المجلس الاعلى للجامعات التى ناقشت مقترح جامعة أسيوط بتاريخ 10-5-2014 واصدار موافقة من حيث المبدأ بانشاء وحدات سكنية لأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم بالجامعة وكان مسئولو الجامعة لديهم علم مسبق بتوصية المجلس الاعلى للجامعات.
واستكمل مسئولو المشروع إجراءات الترخيص وقاموا بفتح ملف رقم 158 بتاريخ 14 -5-2014، أى بعد 3 أيام من صدور موافقه المجلس الأعلى للجامعات، وقاموا بدفع 765 ألف جنيه، بشيك مقبول الدفع بناء على طلب حى غرب أسيوط، فى 15-6-2014، وبعد فحص الملف المقدم من الجامعة لرئاسة الحى صدر خطاب رسمى من حى غرب اسيوط برفض الملف بعد عرضه على المستشار القانونى للمحافظة، والذى كشف فيه عوار قرار تغيير تخصيص الجامعة للأرض المنزوعة للمنفعة التعليمية وتحويلها لأبراج سكنية.
وأكد المستشار القانونى للمحافظة فى قراره عدم الاعتداد بقرار رئيس جامعة أسيوط لإنشاء المشروع كسند لاستصدار تراخيص البناء، لصدوره على خلاف صحيح حكم القانون، وهو ما ردت عليه الجامعة بأن القرار صدر من مجلس الجامعة وليس الرئيس بصفته، إلا أن المستشار القانونى للمحافظة كشف فى مذكرة الرد أن الأرض صدر لها قرار من مجلس الوزراء برقم 394 لسنة 1976، بنزع ملكية تلك المساحة لصالح الجامعة لاستغلالها فى المنفعة العامة لمواجهة الامتداد الطبيعى للكليات، لما تحتاجه من ورش ومستشفيات وسكن للطلاب وليس لسكن أعضاء هيئة التدريس، بعدما أرسل الجهاز المركزى للمحاسبات مخاطبة لحى غرب أسيوط بالتنبيه لمخاطبة الجامعة بشأن تعديل قرار التخصيص الصادر من رئيس مجلس الوزراء برقم 394 لسنةه 1976، حتى يتثنى استكمال إجراءات الترخيص وفقا لما تقتضى أحكام قانون البناء الموحد 119 لسنة 2008.
وحدد الجهاز المركزى للمحاسبات بمذكرته أن قرار التخصيص الصادر من رئيس مجلس الوزراء وبالمادة الأولى منه، بأن قرار نزع ملكية الأرض المذكورة على أن تخصص لأعمال المنفعة العامة، لإقامة منشآت بالجامعة فى حوض الرملة رقم 23 بندر ومحافظة أسيوط، على مساحة 28 فدانا و2 قيراط، وذلك حسب ما ورد بالمذكرة المعروضة على رئيس الوزراء بشأن إصدار قرار بنزع ملكية بعض العقارات، نظرا لأن الجامعة أصبحت فى أشد الحاجة لمساحات من الأرض للتوسع فى منشآتها لمواجهة أعداد الطلاب المتزايدة، إلا أن مجلس الجامعة لم يتخذ قرارا حيال المخالفة التى رصدها الجهاز، والتى سجل بها مناقصة بذلك، رغم مرور عامين إلى أن قام عدد من المحامين التابعين لورثة أصحاب الأراضى التى نزعت منهم الأرض للمنفعة العامة برفع قضية بمجلس الدولة لإرجاع الأرض وما عليها لصالح الورثة.
خالد العسقلانى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق