الصعيدى مرتبط بالقبيلة ثم العائلة ثم بالبيت الذى نشأ فيه، فالمكان جزء لا يتجزأ من الشخصية الصعيدية، ولذا عندما ينتقل الصعيدى إلى سكن جديد فإنه يقيس القرب أو البعد بمدى القرب أو البعد عن البيت الذى ولد فيه، ويظهر ذلك بوضوح فى حديث الأم الصعيدية عن محل سكن ابنتها عند زواجها، فهى تراه بعيدًا أو قريبًا حسب عدد الأمتار التى تفصل بينها وبين بيت ابنتها، فالقرب أو البعد هو القرب أو البعد عن الأقارب.
ولذا لم تنجح معظم المدن الجديدة فى الصعيد فى جذب الصعايدة إليها نتيجة لهذه الثقافة السائدة، فالصعيدى يسافر آلاف الكيلومترات خارج مصر ويمضى فى الغربة معظم سنوات عمره، ولكن عندما تُشير عليه بالسكن فى أى مدينة جديدة فى مصر على بُعد عشرة كيلومترات من محل ميلاده تجده يتردد ألف مرة بحجة بُعد المسافة عن العائلة، فهو يعتبر الغربة خارج مصر غربة مؤقتة، أما السكن خارج نطاق العائلة فيعتبرها غربة دائمة.
وهو شيء كان لابد من مراعاته عند اختيار مواقع المدن الجديدة فى الصعيد، فكان لابد من ربط المدن الجديدة بالقديمة بشبكات طرق سريعة منذ البداية، كى نقرب المسافات من الناحية الزمنية، وهو جانب حيوى ومؤثر ثقافيًا، فبدلًا من الحديث عن الكيلومترات الفاصلة بين المدن القديمة والجديدة كان الحديث سيكون عن عدد الدقائق الفاصلة بين المدن القديمة والجديدة وهو شيء له تأثير معنوى إيجابى، كان سيشجع الناس على الانتقال إليها بسهولة ويسر.
ولا أجد مثالًا أقرب إلى ما سبق من مدينة أسيوط الجديدة فى صعيد مصر، فهى مدينة رائعة من ناحية التنظيم الداخلى والتنسيق الحضرى لأحيائها وشوارعها، لكنها بدأت معزولة عن باقى مدن المحافظة، فلم يكن يربطها بالمدينة القديمة سوى طريق واحد ضيق وملىء بالمطبات والتقاطعات مع العديد من القرى على الجانبين، وظل هذا الوضع لأكثر من عشر سنوات حتى عزف الناس عن السكن فيها رغم جمال مبانيها واتساع شوارعها.
تحسن الوضع كثيرًا مع بدء طريق الصعيد البحر الأحمر الذى يمر بها وتوسعة الطريق الواصل بينها وبين أسيوط القديمة، ولكن رغم أن مساحتها أضعاف مساحة مدينة أسيوط إلا أنها مازالت شبه خاوية، بسبب ضعف وسائل المواصلات بينها وبين مدينة أسيوط ذات الكثافة السكانية العالية وأسعار الأراضى والوحدات السكنية الجنونية التى فاقت أسعارها أرقى مدن العالم رغم مرافقها المتهالكة وشوارعها الضيقة والمزدحمة ليل نهار.
ومن هنا جاءت فكرة مقترح شبكة مترو أنفاق الصعيد، حيث تكون فى الصعيد شبكة مترو أنفاق تربط المدن الجديدة بالقديمة، ما يقرب المسافات بين الصعايدة إذا ما قيست المسافات بالدقائق بين محطات المترو، وعلى سبيل المثال لا الحصر فمترو أنفاق يربط أسيوط القديمة بالجديدة كفيل بتخفيض أسعار السكن بنسبة لا تقل عن خمسين بالمائة على أقل تقدير، وأعمار مدينة جديدة تكلفت مبانيها مليارات الجنيهات وهى خاوية منذ سنوات طويلة.
قس على ذلك معظم المدن الكبرى الجديدة فى الصعيد كمدينة ناصر غرب أسيوط، تلك المدينة الواعدة والمتعثر طريق الوصول إليها بسبب تضارب المصالح بين رؤية الرئيس السيسى التنموية فى الصعيد وبين مصالح المنتفعين من سماسرة البناء على الأراضى الزراعية والملتصقين بمحافظها، وللأسف حتى الآن النتيجة فى صالح الطرف الثانى، فالطريق إليها والذى لا يتجاوز عشرين كيلومترا لن يكتمل إلا إذا جاء الرئيس بنفسه مثلما لم يبدأ العمل فيه منذ عامين إلا بعد أن جاء الرئيس بنفسه، فقوة الرئيس تردع كل العابثين وأصحاب المصالح الخاصة.
ولا يختلف الحال فى مدن بنى سويف الجديدة أو مدن قنا الجديدة أو مدن سوهاج الجديدة أو غيرها من مدن الصعيد عن حال مدن أسيوط الجديدة من حيث الكثافة السكانية، فهى كلها مدن بحاجة إلى شبكة مترو أنفاق تقرب المسافات وتساهم فى حث الصعايدة على الخروج من ضيق المدن القديمة إلى وسع المدن الجديدة، حيث الحياة الآدمية الراقية والأسعار المقبولة.
ومن هنا أتمنى أن يأمر السيد الرئيس بإنشاء شبكة مترو أنفاق الصعيد لربط المدن القديمة بالجديدة فى الصعيد، كى تكون الشبكة بداية حقيقية لعملية أعمار حقيقى فى الصعيد، وما يتبعها من نمو اقتصادى يعود بالخير على الجميع، ويوفر حياة كريمة للمصريين فى المدن المصرية الجديدة فى صعيد مصر.
على ثابت
ياريت ده يحصل لان المحافظه محتاجه لمشروع زى ده يسهل المشوار يرخص اسعار الارضى والشقق
ردحذفانتا بتتمنا لاكن احنا عايزين القرار
ردحذفيا ريت ندعو الله
ردحذفأن يكرمنا بميتة سوية