الناس عشمانة كلها فى الديمقراطية على أمل أن تحل لها كل مشاكلها الاجتماعية وخاصة الفقر والجهل والمرض، هل تصدق أن آفة عصر الملكية كانت هذه العوامل الثلاثة، وهل تصدق أنها لازالت بعد ستين عاماً مستمرة وإلى الأسوأ؟ من فضلك راجع إحصائيات الفقراء فى مصر وراجع نسبة الأمية فى مصر وبالمرة ابحث عن الحالة الصحية للمصريين.
لو عرف كثيرون أن الديمقراطية لو وجدت لحلت معظم مشاكل المصريين، لو عرف
المسؤولون أن سيادة القانون على الجميع وخاصة فى المشاكل الحياتية كانضباط المرور وفى فرص العمل، كان حالنا أحسن.
والذى يفرسك أن كل من يبحث عن فرصة عمل أو رغيف عيش أو سرير فى المستشفى يصطدم ببعض من يقولون إنهم مشايخ ورجال دين وفتوى الذى يخرجون المصريين عن الطريق الذى يوصلهم إلى حل مشكلاتهم الحياتية تسمع شيخا يكفر الذين يريدون الدولة المدنية، والبعض يدعو إلى حد الحرابة، الإصرار على كلمة الدستور لا مبادئ الدستور، يؤذنون فى جلسات مجلس الشعب التى تنعقد من أجل بحث مشاكل الشعب.
حضرات القراء
فى الغرب لم أسمعهم يتحدثون عن الحرية أو الديمقراطية، طيب لماذا لأن كل شىء واضح وعلى عينك يا تاجر، فهو يصطدم يومياً بعمل فعلى لمفهوم اسمه الحرية والديمقراطية.
لا أحد يسألك عن
رقمك القومى، لا ينقض عليك أحد رجال الشرطة، وينظر لك نظرة ريبة ويسحبك على قسم الشرطة لتمكث ليلة أو ليلتين أو ربما أكثر، لا أحد يقتحم عليك سيارتك ليطلب رخصتك ثم السيارة، السيارة الملاكى تسير فى حالها والميكروباص والأتوبيس نفس الوضع، يظهر لك رجل الشرطة كالعفريت عند أى مخالفة فقط.
الغرب ليس لديه هوس للحرية والديمقراطية فهى بضاعة مباحة ومتاحة للجميع.
حضرات القراء
تصور حضرتك فى الوقت الذى نحن نشمشم على ريحة الديمقراطية، بدأ الغرب يفكر فى ديمقراطية جديدة لأن الموجودة قديمة وعجوز وراحت عليها وعمرها أكثر من مائة وخمسين عاماً.
يفكرون فى ديمقراطية جديدة اسمها الديمقراطية الإلكترونية، وخاصة بعد اختراع الفيس بوك والتويتر والبلوجر ورسائل التليفون المحمول.
اخترعوا هذه الأشياء من أجل مزيد من التواصل الاجتماعى بين البشر، من أجل علاقات إنسانية أفضل، وأنا دائم الاطلاع على تعليقات المواطنين على الحوارات والعواميد والمقالات، ولم أر لا فكر موضوعيا ولا رأى محترما قد يضيف.
تعالى هنا فى مصر وتابع تعليقات بعض المواطنين على ما يقال أو يكتب فى مصر، من حولك، حولناها إلى مشتمة وإلى بؤر صديد فى كل رد، اقرأ التناقض الذى يكتبه البعض فى الفكرة الواحدة بل اقرأ رد أى معلق على تعليق آخر، أعوذ بالله.
فقط تجريح وإهانة وألفاظ لا تخرج من مسلم له صحيح الإسلام.
عزيزى القارئ
إن أول من كتب عن بدء الديمقراطية الإلكترونية فى العالم، وأول من كتب أن ثورة مصر هى الفاعل الرئيسى فى نشر الديمقراطية فى العالم، حيث إن شباب الثورة قد استغل هذه الوسائل أفضل استغلال، هذا كان رأى فى أوائل الثورة، أما الآن كما أن جمال ثورة مصر قد ذبل بعد القتل وقطع الطرق والاعتصامات والاحتجاجات والإهانات وأقول إن الديمقراطية الإلكترونية نجحت فى مصر من بداية الثورة إلى الآن، فلا تؤاخذنى.
ويتبقى السؤال كيف نستغل الفيس بوك وغيره فى زيادة المعرفة السياسية لدى الشعب لزيادة اهتمامهم بالسياسة، وكيف يمكن أن تزيد الثقة فى النظام السياسى؟ نحن نريدها أن تضغط على الحكومة، نريدها تزيد معرفة المواطنين بمشكلاتهم الحياتية فى التعليم والصحة والمرور والبوتاجاز والزراعة وغيرها، ثم كيف يمكن أن تفيد فى المشاركة فى الحملات الانتخابية لتكون أسهل من الذهاب إلى المواطنين فى منازلهم هذا هو الهدف.
آليات التواصل الاجتماعى والسياسى فى العالم تحولت هنا إلى آليات البذاءة الاجتماعية، وإلى دخول ألفاظ لا تليق فى هذا التواصل الاجتماعى.
طيب بلاش ندخل فى الديمقراطية الجديدة، دعونا نقتحم الديمقراطية القديمة.. هل وارد ذلك، أشك والحال هكذا.
مشاعر
اثنان فى النظام الحالى لهما ملامح بها شبه كاريزما ووجه BABY FACE.. ولهما شبه طلة ربما بعض التمرس فى العمل السياسى والتنفيذى تتحول إلى طلة كاملة.
الأول بترتيب المسؤوليات د. هشام قنديل رئيس الوزراء، والثانى هو د. ياسر على المتحدث الرسمى للرئاسة.
د. ياسر بصراحة حالته تصعب على أى شخص، ومسؤولياته هى التصحيح والنفى والتجميل.. ولست أدرى هل يفعل ذلك بتعليمات أم بإحساسه وفهمه للدور الصحيح للمتحدث الرسمى.
مشاكل د. ياسر الرئيسية تأتى ممن حول الرئيس، مستشار سياسى ممكن، مستشار الحوارات ماشى، قيادات حزب العدالة صح الرجل من كثرة ما ينفيه من أخبار أطلق عليه البعض «مستر نو» MR. NO، آخر مشكلة واجهها هى ما صرح به د. سيف عبدالفتاح من تصريحات فى حجم القنابل الذرية حول أن مصر تدرس اقتراح قطر فى زيارة الرئيس لتركيا عند إمكانية التدخل العسكرى فى سوريا، د. ياسر بعد لحظات صرح أن الرئيس مرسى لم يبحث هذا الموضوع مع القادة الأتراك وأنها أخبار عارية تماماً من الصحة.
ليس الدكتور ياسر هو الذى نفى ويصحح ويجمل,ولكن دخل السباق المستشار محمود مكى نائب رئيس الجمهورية وقطب رجال استقلال القضاء، عندما صرح فى لقائه مع رؤساء تحرير الصحف، أن هناك عبارات مستفزة تقال يدفع الرئيس ثمنا بسبب الجماعة التى ينتمى إليها، وقال فى منتهى القوة والشجاعة إن جماعة الإخوان تسىء إلى الرئيس أكثر مما تخدمه، وهو كلام صحيح مائة فى المائة، تصريحات البعض من الجماعة فى الفضائيات وفى تويتر والفيس بوك وفى الصحافة تؤكد ذلك المعنى.
نعود للدكتور سيف عبدالفتاح وهو من رجال كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، كما أعلم لم يكن له الحظ فى اللمعان فى النظام السابق، كما على الدين هلال وعبدالمنعم سعيد ومحمد كمال، ربما لأنه بطبيعته كان معارضاً.
أنا يعجبنى الدكتور سيف عندما أراه يتحدث فى الفضائيات، فالرجل له لكنة خاصة مميزة وحركات الرأس واليدين خاصة، وأفكاره شديدة لا أقول لدرجة التطرف، ولكن أفيد ما فيه أن أفكاره ومبادئه ثابتة لا تتغير، وأذكر مواقفه الثابتة من المجلس العسكرى ومن الدولة المدنية التى أخشى أن تتغير بعد انضمامه لهيئة مستشار الرئيس.
أما مقالاته فهى ليست فى جاذبية كلامه وأحاديثه.. مشكلة بعض الإخوة من أساتذة العلوم السياسية خاصة جامعة القاهرة أن لهم «اسطمبة» خاصة فى تعبيراتهم، وأنهم يحاولون إدخال النظريات السياسية الصعبة فى حواراتهم، وأزعم أن أفضل من أدخل النظريات السياسية فى مقالاته الكاتب الكبير حسنين هيكل، وهو ليس من خريج هذه الكلية.
إذن أمام الدكتور سيف طريقتان الأولى: أن ينفى هذه التصريحات وأن يكتب النص الأصلى، والثانى إذا كانت الرئاسة غاضبة، وترى أن كلماته فيها إحراج للرئاسة، كما ظهر فى بيان خاص المتحدث الرسمى للرئاسة أن يقدم استقالته، حزنت أن كلماته جعلت الإعلام السورى يتكلم على رئيسنا بأنه «سى مرسى»، وأن عليه أن يعرف حجمه الطبيعى كما حزنت للدكتور سيف أن يقولوا عليه أنه عميل «لدولة قطر».
د. سيف مطلوب مقال لتوضيح أكثر فى هذه القضية، مشلكة كثير من المستشارين أنهم لا يعرفون معنى كلمة المستشار فى السياسة المصرية، المستشار فى مصر يعنى مفيش، والله أعلم.
عادل حمودة وعيونه الجريئة
السلطة امرأة مزاجية ليس لها نظام تسير عليه ولا أجندة تلتزم بها، كاذبة فى مواعيدها، محتالة فى تصرفاتها، تنتظرها بالملابس الكاملة فى غرفة الصالون، فتجدها تحت الدش مع رجل آخر، تضعها فى الفراش خوفاً من البرد فتتسلل عارية لترقص تحت المطر فى ميدان عام، هى المرأة الوحيدة بين النساء التى تخطب الرجل وتتزوجه، ولكنه يحمل ويلد منها وهو آخر من يعلم، ولو بدأت علاقتها بك حالمة مقربة على طريقة هند رستم، فإنها قد تجهز عليك بطريقة ريا وسكينة.
هذه الكلمات ليست صادرة منى ويا ليتنى كنت كاتبها، الكلمات مقطوعة أدبية بليغة، وتعريف سياسى لمعنى السلطة يضاف إلى تعريفات علماء السياسة عنها، تعريفات السلطة كثيرة ومتنوعة، ولكنى أستطيع أن أضيف هذا التعريف لتعريفاتها الفلسفية والسياسية.
هذه كلمات الكاتب الصحفى الكبير عادل حمودة الذى لا تجد له أى مقالة سياسية إلا ويقدمها بمثل هذه الكلمات الأدبية الجميلة، كما لو كان يحشو المقال بقطع من الزبيب وجوز الهند واللوز.
التشبيهات قد تبدو خيالية واللغة قد تبدو منفلوطية طه حسين، والوصف يبدو إحسانياً كأوصاف الكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس، ومع ذلك اسأل كل من تعرفه ممن عمل فى السلطة إلا وتراه يؤكد ذلك المعنى، راجع تاريخ زعماء العالم من هتلر لموسيلنى لهولاكو لستالين لمبارك أكيد لسان حالهم سيوافق على ذلك، لأنها فعلت بهم كل ذلك.
حضرة القارئ
قد أكون متعصباً لصديقى عادل حمودة، ولكنه يستحق هذا التعصب قد أبدو متحمساً له ولكنه يستحق هذا الحماس.
أليس هناك اتفاق بين أصدقائه وخصومه على أنه موهبة صحفية فرضت نفسها على الواقع الصحفى.
عادل حمودة صعيدى من أسيوط، أسيوط الجميلة التى طالما أسأل عن سبب طبيعة أهلها القاسية، قالوا لى الجغرافيا فيها قاسية فهى مخنوقة بين جبلين، وقالوا لى إن أسيوط تركيبة مختلفة عن محافظات الصعيد، عن المنيا مثلاً عروس الصعيد، أو سوهاج بلد المواويل.
إذن جرأة عادل وعناده وثباته على مبادئه جزء من طبيعة بلده أسيوط، عادل حمودة حاد وقاس على قضايا الفاسدين كقسوة أهل أسيوط، ورقيق وناعم مع الوطنيين المخلصين كطبيعة بلد كسويسرا.
الرجل يحيرك، هل يفكر أولاً ثم يكتب أم يكتب دون أن يفكر.
مقالاته ضد رجال السلطة وخاصة رجال المال والأعمال هزت هذه السلطة، وجلبت عليه وجع القلب.
حتى مقالاته فى روزاليوسف عن الفنانين كان عنوانها عيون جريئة جعلته يخسر كثيرا من هؤلاء الفنانين.
إذن هو متألق فى المقالات الاقتصادية والمقالات السياسية فهو خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، لم ترض عنه السلطة ولا أى حكومة، اختلف مع الرئيس السادات، وكم حاولت أن أغير رأيه فلم أستطع، اختلف مع مبارك ورجاله، اختلف مع الجنزورى وبعدها خلعه من رئاسة تحرير روزاليوسف التى جعلها أوسع المجلات السياسية فى الشرق الأوسط انتشاراً، اكتشف المناضل الصحفى الموهوب إبراهيم عيسى، ووائل الإبراشى وعبدالله كمال وغيرهم من الذين صعدوا معه بالمجلة.
أنشأ صحيفة صوت الأمة وأنشأ الفجر واكتشف فيها مواهب صحفية ذات طعم خاص من مقال لاشين إلى محمد الباز، وخالد حنفى وغيرهم، وترك رئاسة التحرير لاثنين منهم لتقديم شباب جديد واكتفى بمقاله الأسبوعى.
حضرات القراء
أذكر فى العشر سنين الأخيرة من حكم مبارك أن سألته عن القادم، قال لى سيسقط مبارك ومن الآن أعد مقالات وكتابات عن عهد مبارك وعن شخصية الرجل نفسه.
عادل ليس كاتباً سياسياً رائعاً فقط ولكنه متحدث بارع وأزعم من برنامجه الأخير وحواراته فى برنامج آخر النهار من أفضل البرامج الحوارية التى نراها هذه الأيام، كلامه موثق، حكاياته حقيقية، تحليلاته موضوعية، توقعاته السياسية فيها كثير من الممكن، تواريخه صادقة، مقدرته على ربط الأحداث واستخراج مواعظ نحتاجها هذه الأيام.
عادل حمودة واضح أنه فعلاً له عيون جريئة.
والسؤال المهم، هل سيتغير عادل مع تغيير النظام السياسى المصرى؟ بصراحة أشك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق