أمس الأول كان هناك احتفال السيد الرئيس مع مؤيديه من الجماعة وحزبها والمتحالفين معهم بانتصارات السادس من أكتوبر العظيم, وبالطبع لم يخلو المشهد من دعوة بعض رموز الدين الإسلامى والدين المسيحى للحضور, وكالعادة جلسوا بجوار بعضهم البعض, تماماً مثلما كان يفعل الرئيس السابق.. إنه سيناريو غريب يحدث في مصر, يتغير البطل والكومبارس ويبقى مؤلف السيناريو كما هو, والعجيب أن مؤلف سيناريو لقاءات الرئيس يستعين بنفس المصورين، فتجد الكاميرا تأخذك إلى شخصية مسيحية تصفق عندما يتكلم الرئيس عن الأقباط وحقوق الأقباط, وتأخذك إلى شباب يهتف كل فترة، وكأن الحضور هم ممثلين لكل الشعب وليسوا من ولاءات الحزب الوطني مع مبارك أو ولاءات الإخوان والحرية والعدالة مع مرسي.
وكالعادة هناك جنود بملابس عسكرية يهتفون مع أناشيد الجيش, وبدلاً من تكريم القادة الكبار السابقين شاهدنا المتهمين باغتيال الزعيم والرئيس المنتصر أنور السادات ضيوفاً على الحفل، فقد حضر الرئيس المنتخب وغاب الرئيس المنتصر على يد من يحضرون الاحتفال بنصره, ربما الرئيس مرسي خشى من غضبهم فيلقى مصير السادات على أيديهم, وقد لمحوا إلى ذلك من عدة أيام إن حاد الرئيس عما يعتقدون أنه الصواب من وجهة نظرهم, وخشية الرئيس من الذهاب لرفح منذ يومين تؤكد أن شهر العسل بينه وبينهم قد قارب على الانتهاء, وأعتقد، والله وحده أعلم، بأن العنف لو عاد لا قدر الله سيأخذ في طريقه الأخضر واليابس، وستكون أشجار قصر الاتحادية أول الأشجار المحترقة، ورمال المقطم أول الرمال المنصهرة, فقد أخرجهم الرئيس الراحل السادات من خلف القضبان فكان هو نفسه أكبر وأفدح ضحاياهم في العصر الحديث.. إنه التاريخ يعيد نفسه, ولكن لا أحد يريد قراءة ما حدث كي لا يتنبأ بما هو آت, ولا يعلم الغيب أحد إلا الله, فنحن فقط نحاول أن نقرأ ما يحدث، وما قد يحدث بناءاً على ما قد حدث, وفي البداية والنهاية تبقى إرادة الله فوق الجميع.
وعلى هامش الاحتفال،
صرح الدكتور عصام العريان، القيادي بالإخوان والحرية والعدالة معاً، في حديثه لقناة النهار بأن السيد الرئيس لم يأخذ رأي المرشد في إقالة المشير لأن المرشد كان معتكفاً! وهو تبرير يدين الرئيس أكثر من أن يبرأ ساحته من تبعية نظن أنها موجودة وينفيها من حول الرئيس تارة وتؤكدها الأفعال تارة أخرى, وسبقه في الصباح تصريح غريب من لواء متقاعد يقول بعد 39 عاماً من الحرب أن الثغرة بدأت من جوار كتيبة المشير أثناء مشاركته في الحرب, في محاولة لذبح الرجل المذبوح مرة أخرى ولكن هذه المرة معنوياً كي لا يبقى من رجال أكتوبر المشهورين من يكون له فضل على البلد يفوق الرئيس, وكلام سيادة اللواء السابق لا يليق من الناحية العسكرية قبل الأخلاقية, ولكنها الدنيا وزخارفها وما أكثر زخارف دنيا الإخوان هذه الأيام! ففيها الرئاسة والشعب والشورى والمحافظين ورؤساء الهيئات الكبرى والشركات والبزنس, والكل يبحث عن رضا سيد المقطم كي ينال مناصب ساكن الاتحادية.
دنيا أصبحت تفوق دنيا الحزب الوطنى بكثير, وإذا كانت دنيا مبارك وحزبه كانت مثار غليان داخلي في الجيش كاد أن ينفجر قبل الثورة, فأعتقد أن هذا الغليان سيعود لو لم تنضبط الأمور في الدولة ككل, ولا يعتقد أحد أن ما يقال عن أخونة الجيش سيكون صمام أمان ضد الانفجار، بل على العكس سيكون محفز للانفجار وبقسوة قد تأخذ في طريقها كل ما جنيناه من ثمار ثورة يناير. أتمنى أن نقرأ الأحداث بصورة أفضل كي لا نبكي كوارث عدم فهمنا لها في الوقت المناسب, وسيبقى نصر أكتوبر عظيماً برجاله وأحداثه معاً دون انفصال بينهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق