أثارت دعوة الرئيس محمد مرسي أمس الجمعة خلال اللقاء الذي عقده مع أهالي
أسيوط؛ حيث دعا الفاسدين لتطهير أنفسهم من خلال وضع الأموال المسروقة في
حساب في البنك باسم «نهضة مصر»، وقد أثارت هذه الدعوة ردود أفعال سياسيين
واقتصاديين،حول إمكانية تنفيذ هذه المبادرة في الوقت الحالي، ومدى الفائدة
التي قد تعود على البلاد من ورائها.
ففي الوقت الذي رأى كثيرون أن المبادرة لا يمكن تنفيذها على أرض الواقع،
يرى آخرون أنه في حال تنفيذها ستدر على البلاد مكاسب اقتصادية، مشددين على
ضرورة إخضاعها لمؤسسة القضاء لضمان الشفافية، ويذهب فريق ثالث إلى أنها
مبادرة سياسية بحتة أكثر منها مالية أو واقعية.
من جانبه أشار الدكتور حمدي عبد العظيم- عميد أكاديمية السادات السابق-
إلى أن الإقبال على هذه المبادرة سيتوقف على نية كل فاسد في التصالح مع
الوطن، وحسب كل جريمة وعقوبتها، لافتا إلى أن هناك جرائم فيها قد تصل
عقوبتها إلى السجن ورد الأموال وغرامة، ووقتها سنجد ضعف إقبال على
المبادرة، إلا إذا كانت العقوبات رد الأموال فقط، ووقتها سيكون الأمر سهلا.
كما أنها
ستتوقف على القدرة المالية لدى الشخص فقد تجد شخصا ليست لديه
القدرة على إعادة ما أخذه من الدولة وآخر لا، مشددا على ضرورة إشراف الجهات
القضائية على التصالح إذا تم بهذه الطريقة.
مكاسب اقتصادية للدولة
وأكد "عبد العظيم" أن هذه المبادرة إذا نجحت فإنها ستوفر العديد من
المكاسب للدولة سواء للبنك المركزي أو الاقتراض، كما أنها ستقلل من حجم
الديون على مصر، خاصة إذا كانت الأموال العائدة بالدولار مما يدعم قيمة
الجنيه المصري.
كما أشار إلى أنها ستشجع على الاستثمار وذلك لأن الدول الأجنبية ستلحظ أن الحكومة بدأت بالتصالح مع الفاسدين وأعطتهم فرصة للعودة.
ووافقه الرأي محمد جودة- عضو اللجنة الاقتصادية في حزب الحرية والعدالة-؛
حيث أكد أن هذه المبادرة ستكون فعالة في إطار خطة طويلة الأجل سواء من
الناحية القانونية أو مكافحة الفساد، كما أنها ستستعيد أموال نهبت وأعادتها
قد تساعد في تحقيق النهضة المنشودة للبلاد.
وعد ووعيد
ويرى "جودة" أن الرئيس محمد مرسي عندما طرح الفكرة أراد أن يعطي فرصة لمن
تكسب من أموال حرام أو بطرق غير مشروعة أن يتطهر من المال ويعيده للبلاد.
وأضاف: وفي نفس الوقت فإنه توعد بملاحقة الفاسدين، وأنه سيقود ثورة ضد كل
فاسد، مما سيؤسس لسيادة دولة القانون، ويعطي رسالة لمن يفكر في الفساد أنه
لا تهاون في استعادة الحقوق.
دعوة مثالية بعيدة عن الواقع
وقال الدكتور شريف ديلاور- خبير التنمية الاقتصادية بالأكاديمية العربية
للعلوم والتكنولوجيا- : على الرغم من أن المبادرة "طيبة" وجاءت بحسن نية،
إلا أنه لا يجوز للرئيس أن يعفو عن الفاسد، فالتوبة ليست واردة في العمل
الاقتصادي- على حد وصفه -، معقبا: مبادرة مثل هذه تحتاج إلى تشريع".
وأضاف "ديلاور": "إنه قبل البدء في تنفيذ هذه المبادرة لا بد من تحديد
المعفو عنهم؛ لأنه إعفاء قانوني يخضع لتشريع ولقانون وإجراءات وتحديد فترة
معينة يسمح خلالها بالتسليم، أو قرار جمهوري بتشريع وضوابط، أما مجرد
الإعلان عنها بهذه الصورة لا يجوز- على حد تعبيره-.
ووافقه الرأي الدكتور مجدي قرقر- أمين عام حزب العمل الجديد- حيث قال:
هذه الدعوة مثالية، ولا يمكن تنفيذها على أرض الواقع؛ لأن هؤلاء أفسدوا في
حق الوطن، وعليهم أن يحاسبوا أو يتصالحوا بعض التحقيق"
وأشار "قرقر" إلى أن هؤلاء الفاسدون لا بد وأن يسلكوا مسلك التحقيق
والمحاسبة في حق المجتمع، إذا كان الأمر يستدعي ذلك، ومن سرق الأموال لا
يمكن أن يردها طواعية إلا إذا تاب أمام الله.
وأكد أن هذه الأموال غير طاهرة لا يمكن وضعها مع الأموال الطاهرة التي
يتبرع بها أبناء الشعب، والتطهر ليس فيه نفع للأموال- حسب قوله-.
إشراف القضاء
وعن ضرورة وضع تلك الدعوة تحت تصرف القضاء، أوضح حسن صبحي- عضو مجلس نقابة
المحامين بالإسكندرية- أن القضاء سلطة أساسية في المجتمع، وأن السلطة
القضائية يجب أن تشرف على عودة هذه الأموال بناء على التحقيقات.
مفرقا بين الجريمة الجنائية والمالية، مستشهدا بمقولة المستشار أحمد مكي بأن الدم ليس فيه مصالحة وأن الأموال يمكن ردها.
وشدد على أن القضاء هو المؤسسة الوحيدة التي تستطيع أن تثبت أن المتهم قد
أعاد جميع الأموال للدولة دون تلاعب أم لا، ومتى تسقط عنه العقوبة، موضحا
أن هناك خبراء وزارة العدل، وخبراء في القضاء لديهم أسس ومعايير فنية،
لتحديد العقوبة المناسبة للجناة.
مبادرة سياسية بحتة
فيما ذهب الدكتور أيمن عبد الوهاب- خبير بمركز الأهرام للدراسات
الإستراتيجية- إلى أبعد من ذلك حيث يرى أن المبادرة سياسية أكثر منها مالية
أو واقعية، يسعى الرئيس من خلالها إلى التفاعل مع الجمهور من خلال خطاب
سياسي في قضايا حديثة وذات أبعاد تضفي على المرحلة نوعا من الحشد والتبعية
تجاه هذه الخطابات.
ويرى "عبد الوهاب" أن هذه الخطابات من الممكن أن تكون نوعا من التبرير
لعدم التفاعل مع هذه القضايا بالقدر الكافي، ونوعا من قلة الحيلة، مؤكدا
ضرورة أن ينتقل الرئيس إلى إجراءات أكثر عملية في مسألة استرداد الأموال
المنهوبة أو مسألة الأبعاد الاجتماعية أو الاقتصادية التي تنعكس على
الواقع.
اسماء السيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق