باقى الصور
من قلب مدينة الأبرياء ، وبعد شهور من حادث "قطار المندرة " يتجول الدستور ليرصد الآلآم التى يعيشها أهالى مدينة منفلوط ليفتح ملف الإهمال الذى مازال مستمراً حتى بعد مقتل أكثر من خمسين طفلاً إثر تصادم حافلة مدرسية بقطار فى شهر نوفمر من العام الماضى .
وسط صرخات الشيوخ ، ومعاناة الشباب ، وحسرة أولياء الأمور على فقدان أبنائهم ، وإستعادة للذكريات وسط بركان من الدموع ترويها أمهات اطفال منفلوط تبدأ الرويات .
فتحى عبداللاه زيان : من مواليد نزلة المختون بديروط ، يعمل فى هيئة السكك الحديدية المصرية منذ سبعة عشر عاماً ، يجلس بجوار سلسلة حجز الموت منذ سنوات ، لا يمتلك جهاز إنذار لإخباره بمواعيد وصول القطارات ، يعمل لمدة ستة عشر ساعة يومياً ، ووسط غيمات التراب الناتج عن عملية دراس القمح ، فوجئ فتحى بقدوم القطار رقم 91 القادم من الصعيد تجاه القاهرة ، وقد إصتدم بالجرار الزراعى قيادة / ياسر أحمد عوض عبدالحميد مما أسفر عن تحطيم الجرار والمقطورة التابعة له ووفاة قائدة ، ولم يكن لدى علم مسبق من قبل ملاحظ البلوك / حماده ماهر فرجانى الملاحظ ببلوك صنبو لأنه لا يوجد جهاز إنذار فى السكك الحديدية غير الهاتف الأرضى الذى يعمل من وقت لأخر .
" أرسلت العديد من الشكاوى منذ وقوع الحادث فى شهر مايو 2012 ، حتى أن الشكاوى وصلت لرئاسة الجمهورية " كلمات عبر بها فتحى عن مدى إهمال المسؤلين العاملين بقطاع السكك الحديدية المصرية ومدى تقاعسهم ، فقد حمل فتحى الشكاوى التى تحمل فى طياتها العديد من مواطن الإهمال بسكك حديد مصر وعلى رأسها عدم وجود جهاز إنذار كافئ وفعال لإخبار عامل المزلقان بقدوم القطار ، مطالباً فى متن شكواه بوجود أجهزة لاسكلية تقوم بتسجيل المكالمات ووجود كاميرات مراقبة على كل مزلقان وفى محطات الهئية ، حتى يمكن محاسبة المتقاعس والمتسبب فى الإهمال .
يستمر فتحى فى سرد معاناته من خلال العمل فى هئية السكك الحديدية فيقول : بعد وفاة قائد الجرار فوجئت بأن ورثته قد قاموا بمقاضاتى بالقضية رقم 8624 لسنة 2012 جنح القوصية والمطالبة بتعويض مادى لما أصاب المتوفى إثر إصتدام القطار به ووفاته فى العشرين من مايو الماضى .
إتهامات متعددة وجهها ورثة المتوفى لعمل المزلقان وملاحظ البلوك منها الرعونة والإهمال والخطأ فى حق متوفاهم والتسبب فى وفاته .
وسط لفحات الشمس وبرودة الشتاء يجلس محمد مصطفى ملقد الذى يتجاوز من العمر أكثر من الستين عاماً مراقباً بعيناه أربع سلاسل لحجز الموت ، ووسط حيرة ولفهة لإنقاذ المارة من قطارات الموت يتشتت به الأمر فى إعلاق السلاسل لانه لا يمتلك كنترول فى فتح وإغلاق السلاسل .
" بعد حادث قطار المندرة مازلت السلاسل تعمل حتى الآن ولا يوجد سوى خفير واحد يعمل لمدة اثنى عشر ساعة متواصلة " صرخات علت بلسان عامل مزلقان مدينة الموت يوضح فيها الشعارات الذائفة التى تتردد على السنة المسئولين بتطوير السكك الحديدية ،
" أقف بمفردى ، اقوم بإغلاق سلسلة ، فيفتح المارين الأخرى ، أذهب لإنقاذ الأطفال وطالبات المدارس فيقفذ الحصان من على السلسلة . " مازالت الحيرة أمام أعيينا ونحن نقف فى حالة من الذهول من شدة ما نراه من حرص عجوز المزلقان على سلامة الماريين وعابرى القضبان .
رويات شرطى المرور
يجلس عسكرى المرور سيد عبدالرحيم السيد تحت مظلة مصنوعة من جريد النخل ، مختبئ من حرارة الشمس وفاراً من برودة الشتاء بعد أن ضاقت به الدنيا زراعاً لما يراه من فشل فى التغطية المروية والإمكانيات التى تؤهله للسيطرة على أخذ بيانات المخالفين والخارجين عن القانون .
" لا يوجد لدى سوى ورقة بيضاء اكتب عليها المخالفات ، وإدارة المرور سحبت منا الدفاتير ، والخارجين عن القانون يستهزئون بكتباتى للمخالفة على الوريقات البيضاء ، ولا توجد معاقبة للخارجين ، حتى يكون هناك ردع للأخرين " جمل نطق بها " سيد " ليعبر عن فشل منظومة المرور للسيطرة على حركة السير فى مدخل مدينة منفلوط الوحيد .
يطالب سيد بوجود سيارة شرطة وتمركز أمام المزلقان حتى يكون هناك نوع من الأمن والتنظيم لحركة المرور
روايات فلاح
"تعديت السلسلة لأن الحمار لا يفهم أنها سلسلة حجز الموت " كلمات بسيطة تنم عن بساطة قائلها ومدى تواكله ، حتى أنه ترك القيادة للحمار فى وقت لا يفهم فيه الحمار أن هناك حاجز من السلاسل يمنعه من المرور ، لأنه ربما مر وإصتدم بالقطار ، يقود المنفلوطى الحمار ويقفذ منه الحمار ويتعدى على السلسلة قبل قدوم القطار بلحظات والعامل يصرخ " أرجع ، إرجع " وقائد الحمار فى حيرة ، والحمار لا يسمع لكلمات عامل المزلقان وبعد مرور القطار بسلامة ، إستوقفنا قائد الحمار ، وسئلناه ما الذى جعلك تقفز من أعلى السلاسل فى حين أنك ترى قرب قدوم القطار ، فرد مبتسماً ، لقد فقدت السيطرة على الحمار ولو أن هناك حواجز قوية لما قفز بى الحمار ،وفى حالة قرب القطار فسأقفز من أعلى الحمار وأتركه ضحية للقطار .
أحدى الأمهات
" كلما مررت بمزلقان المندرة ، وقفت وناديت فى سرى على " يوسف " ، واتنهد فى سرى وأقول : الشجرة اللى زرعتها يا يوسف كل يوم بتكبر " كلمات عبرت بها أم يوسف أحد شهداء حادث القطار عن فراقها لأبنها ، وتطالب المسئولين قائلة :" حرام عليكم سنة عدت وداخلين على السنة التانية والمزلقانات زى ما هيه " .
العديد من أهالى قرية المندرة ومدينة منفلوط وأسيوط عامة يطالبون المحافظ الجديد ومجلس الوزراء بسرعة تطوير المزلقانات ، وليست مزلقان المندرة فقط ، بل جميع مزلقانات السكك الحديدية فى مصر .
على شاكر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق